الحلقة الأخيرة
استغلت سهام اغماءة عبير لتحصل على هاتفها وتغلقه ثم تهاتف درية وتدعى أنها تفاجأت صباحاً بسفر العروسين لقضاء شهر العسل وأنهما بخير فلا داعى للقلق بشأن عبير فهى تحيا أسعد أيامها ربما فقط لا تتمكن من التواصل معهم بشكل جيد.
لازال سمير نائما وعبير فاقدة للوعي ممدة فوق الأريكة ترفض الواقع الذي يجبرها على أن تتابع حياتها مع شخص مثل سمير رغم أنها كادت أن تفتح له أبواب قلبها ليسكنه لكن تلك الحقيقة التى صفعتها بها سهام لا يمكنها قبولها، هى بحاجة لرجل كامل يمكنه أن يحيا كل تفاصيل حياتها ويمكنه أن يراعاها ويهتم بها لا لطفل تعوله هى وتهتم بأدق تفاصيله.
بدأت سهام تحاول إفاقة عبير واستغرقت بضع دقائق لتستجيب ثم تفتح عينيها بضعف شاعرة بدوار شديد، تعى جيداً ظروف أسرتها وأثر تلك الزيجة التى خدعت بها عليهم لكنها لازالت تأمل دعمهم لها ورفضهم هذا التحايل والتدليس
_ انا هرجع بيت بابا
_ فكرتى كويس؟ بلاش قرارات انفعالية أول حاجة سيرتك هتبقى على كل لسان لأنك رجعتى يوم صباحيتك تانى حاجة جوازكم تم فعلا وانت مدام دلوقتى ومفيش حد هيصدق انك كنت فى حضنه بالليل وسبتيه مع طلعة النهار من غير سبب منطقي
_ هقول الحقيقة
_ قولت لك أوراق سمير كلها بتقول أنه طبيعى والمحاكم مالهاش غير الورق وبعدين اهلك مش هيوقفوا حال اخواتك الأربعة علشان انت بعد ما اتجوزتى مش عاجبك جوزك، جوزك اللى لو طال هيجيب لك حتة من السما
_ انا مش عاوزة حاجة منكم عملتم فيا كده ليه؟ ترضيها على بنتك؟
_ بنتى!! بنتى متجوزة راجل لو عرفتيه هتكرهى صنف الرجالة كله صدقينى مش هتلاقى راجل فى طيبة وحنية سمير . انا كلمت اهلك وقولت لهم انكم سافرتوا فكرى كويس واعملى حساب كل حاجة قبل ما تاخدى قرار وأهم حاجة تعملى حسابها أنا، لأنى مش هسمح لأي حد يأذى سمير حتى لو كان انت .. انا نازلة شقتى وهرجع لك تانى.
اتجهت للخارج لتكتشف عبير أنها أغلقت الباب من الخارج وهى لا تملك مفتاحا له . تحركت نحو الداخل بغضب ودخلت الغرفة لتجده كما تركته ينعم بنومه دون أن يشغل موقفها باله أو يثير اهتمامه وكيف يفعل وهو لا يدركه من الأساس.
دارت في الشقة فلم تعثر على أي وسيلة إتصال مع فقدان هاتفها لتعود بانهزام للغرفة .
جلست بطرف الفراش لتبكى نفسها قبل أن تبكى لما فرضته عليها سهام فقبل أن تلوم سهام عليها لوم أهلها ونفسها .
فتح سمير عينيه ليرى دموعها التى زادت فور نظره إليها وهو يعتدل دفعة واحدة
_ انت زعلانة ليه ؟ سمير مش عمل حاجة
_ لا عملت ، ضحكت عليا
_ لا والله ضحكت لا سمير كان نايم ضحك لا
زاد بكاهءها فهو لن يفهم ما تحاول قوله
أهذا هو الرجل الذي تزوجت به!!
أهذا هو الرجل الذي اختارته!!
أهذا هو الرجل الذي ترضى به والدا لابناءها!!
وكيف يكون أي من هذا وهو نفسه طفل يحتاج للرعاية؟
_ طب معلش مش هزعلك مش تزعلى .. جيب لك شيكولاتة ؟ سمير يخبى شيكولاتة ماما مش بتعرف تلاقيها
نهض عن الفراش دون النظر للحالة التي هو عليها يبحث عن الحلوى ليكتشف أنه ليس بمنزل أمه من الأساس فيبدأ هو الأخر في البكاء لفقد حلواه.
مسدت جبينها بتوتر فهذا المشهد يشتت عواطفها وقلبها الذي يشعر بالتعاطف تجاه هذا الشاب الذى لم تعرفه .
اتجهت نحوه وجلست أمامه
_ بتعيط علشان ضيعت شيكولاتة؟ طيب انا ضيعت عمري كله اعمل ايه؟
_ هو وقع منك؟؟
كان يفرك عينيه بظاهر كفه وطرح سؤاله ببراءة وتلقائية لتتوقف دموعها عن الانهمار وتتحول لابتسامة تسخر عبرها من نفسها
_ قوم البس هدومك في شيكولاتة برة
_ مش اعرف
نظرت له باستنكار
_ مش تعرف ايه!!
_ البس هدومك، ماما لبس سمير
أرغمت نفسها خلال الساعة التالية على تقديم كل المساعدة التى يحتاج حتى تناول فطوره وكان متشبث بها لخوفه من المكان وعدم تعرفه عليه بشكل كامل محاولا عدة مرات التقرب إليها لكن كما يبدو لها لقد ربته سهام ليصبح طفلا مطيعا لكن تدفق رغباته يدفعه للإلحاح وأخيرا تخلصت منه حين جلس يشاهد التلفاز.
عادت سهام مع الظهيرة تحمل طعاما ودخلت الشقة ببساطة وكانا يجلسان أمام التلفاز وقد شردت عبير تماماً عما يشاهده هو بحماس .
ركض نحو أمه كطفل صغير لتستقبله بحفاوة وهو يتفقد الحقائب التى تحملها
_ حاجة حلوة علشان سمير شاطر.
_ اشطر واحد واحلى سمير
صفق بحماس لتنظر له وكأنها تسترجع ما كان يحدث أثناء حديثه معها عبر الهاتف، لقد كانت تلقنه مؤكداً فطريقته الطفولية تلك كانت لتكشف وضعه في محادثة واحدة.
أعطته الحلوى ليعود لعبير ركضا
_ خدى واحدة
هزت رأسها رفضا لتجلس سهام بالقرب منها
_ فكرتى؟؟
_ ايوه
_ وقرارك ؟
_ هكمل
تهلل وجه سهام رغم أنها توقعت المزيد من المقاومة لكن النهاية كانت حتمية فهى لا تملك سوى اختيار سمير فيبدو لها أنها تمسكت بالعقل وقبلت بالأمر الواقع.
_ صدقينى مش هتندمى على قرارك.
مر عدة أيام منذ أعلنت عن قرارها بمتابعة الحياة مع سمير كزوجة وراعية له ومذاك اليوم عاشت كل صور الترف والدلال ليس فقط كعروس حديثة العهد بالزواج بل تبالغ سهام في مدها بكل سبل الراحة والرفاهية، صحبتها لأماكن لم تتخيل يوما أن تمر من أمامها وحظت بعناية أنثوية لم تحلم بها مطلقا بالإضافة لشغف سمير الذى فتحت له بابا ليتدفق إليها فترى أمه انعكاس سعادته فتزيد من تدليلها .
هاتفت درية وأخبرتها بعودتهما لترى بنفسها كيف يتمكن سمير من تجاوز مواجهة الغرباء دون أن يكتشف أي شخص حالته فسهام بارعة في تلقينه وهو بارع في المحاكاة كأي طفل .
وصل والديها لمنزلها لمباركة الزواج والتهنئة بعد رحلة شهر العسل المفترضة . استقبلتهم سهام بصحبتهما لتظل على مقربة من سمير .
جلسوا جميعا وقد اشرقت الوجوه
_ ما شاء الله وشك منور يا عبير شكلك اتفسحتى فسحة تمام
_ الحمدلله يا بابا
_ تشربوا إيه يا جماعة؟
_ ولا حاجة يا سهام خلى عبير قاعدة معانا دى وحشتنا اوى
_ عبير مش هتتحرك يا درية ولا هقبل أنها تشيل قشاية من الأرض.. دى مرات الغالى .. انا جبت لها خدامة
لمعت عينا رياض برضا عن الحالة التى وصلت لها ابنته بينما اشرق الامتنان بملامح درية
_ طول عمرك أصيلة يا سهام، طيب ادخل مع عبير جوه خمس دقايق
_ اتفضلوا طبعا ده بيتك
اتجهت عبير بصحبة درية التى تحيط كتفيها بسعادة نحو غرفة النوم وما إن أغلقت الباب حتى تبدلت ملامح عبير تماماً بشكل أسرى المخاوف بقلب درية فورا
_ مالك يا عبير وشك انقلب كده ليه؟
_ انا مقهورة على نفسى يا ماما
_ مقهورة!! سترك يا رب. حصل ايه يا بنتى وقعتى قلبى
_ سمير يا ماما لا معاه بكالوريوس ولا شغال في دبى ولا بيعرف يلبس حتى هدومه لوحده .. سمير عبيط يا ماما
تجمدت ملامح درية بشدة وهى لا تصدق ما تخبرها به ابنتها والذى يتنافى مع ما تراه عينيها بينما بدأت عبير تقص عليها ما حدث من سهام وتظاهرها هى بالقبول به حتى تحصل على دعمهم وحمايتهم فقد توقعت أن تحتجزها سهام بل تتوقع منها الأسوأ.
_ كل ده حصل بعد ما بقيتى مراته شرعى ؟ يادى المصيبة ، وبعدين هنعمل ايه؟ ده بيتنا يتخرب وحال اخواتك يقف والناس ماهتصدق يعملوك لبانة فى بؤهم
نظرت إلى أمها بصدمة
_ ما سمعتش اسمى فى اللى انت عاملة حسابهم يعنى يا ماما؟
_ سيبك من الاسامى دلوقتى لما نشوف هنعمل ايه في المصيبة دى! افردى وشك لو غيبنا اكتر من كده سهام هتيجى يلا نخرج وانا هقولها تيجوا عندنا يوم ونفكر
_ لسه هنفكر ؟ يا ماما دول ناس غشونا وضحكوا علينا !
_ عاوزانى اعمل ايه يعنى؟ لما اشور ابوكى ونفكر مش هتبقى خراب من كل ناحية
اتجهت عبير نحو المرآة تعيد رسم ملامح اعتادت عليها مؤخرا لتغادر تتبعها أمها، تعلقت عينا سمير بها فوراً لتجلس بالقرب منه دون تردد
_ مش عارفة اشكرك ازاى يا سهام عبير سعيدة جدا معاكم ماكنتش هلاقى حما تحب بنتى زيك
_ عبير بنتى يا درية وربنا عالم
سرعان ما غادرا لتبقى عبير وحدها وتبدأ الآمال التى احيتها في دعمهم لها تنفق تباعا، أمها تخشى على الجميع سواها وليس هذا تصرفا منحازا ضدها كشخص بل فقط لكونها ابنة لهما وإن كانت إحدى شقيقاتها في نفس الوضع لكان لها نفس المصير ولا تظن في أبيها خيراً تعلم أنه لن يعيدها لمنزله مطلقة بعد زواجها الأسطورى الذى تباهى به قبل تمامه.
مرت عدة أيام وفى ظهيرة اليوم صعدت سهام واستخدمت مفتاحها كالعادة لتجد عبير فوق أحد المقاعد تبكى وسمير يجلس في مقعد مقابل لها يمكنها ببساطة أن ترى من ملامحه أنه مذنب .
_ في إيه يا ولاد حصل إيه؟
لم يحب ايهما لتتجه نحو عبير
_ بتعيطى ليه يا حبيبتي؟
نظرت عبير نحو زوجها وزاد بكاءها لتنظر نحوه بنظرة حازمة
_ عملت ايه يا سمير ؟
_ غصب عني يا ماما
_ إيه هو اللى غصب عنك؟
تردد سمير لحظات وتبعثرت كلماته لكن سهام اعتادت الصبر لينطق أخيراً بتعثر
_ قطعت السلسلة
استرخت ملامح سهام دفعة واحدة
_ السلسلة؟؟ بس كده ؟؟
سرعان ما ظهر رد الفعل الذى تنتظره عبير في ضحكات سهام التى نهضت واتجهت إليها لتضمها
_ يا عبيطة بتعيطى علشان سلسلة؟ فداكم سلاسل الصاغة بحالها ولا يهمك النهاردة تتصلح ويجى معاها احلى طقم هدية علشان الدموع الغالية دى
_ يا طنط دى غالية أوى، اول مرة يبقى عندى حاجة غالية وسمير قطعها
_ دى غالية؟ النهاردة هتشوفى الغالى حقيقى، قومى اغسلى وشك وتعالى انا طلبت الفطار من برة
نظرت عبير نحو كفها الذى تضمه على سلسالها الغالى لتسحبه سهام منها برفق وتبتسم لها فتسير عبير بخطى منهزمة مبتعدة عنهما لتنظر هى نحو ابنها
_ تبقى تاخد بالك يا سمير ، ومرة تانية يحصل حاجة كده اتصل بيا علطول مش انا علمتك تتصل بيا؟
_ سمير كان زعلان علشان عبير بتعيط، انا بحبها يا ماما مش تخليها تعيط تانى
_ حاضر يا حبيبي انا عايشة علشان انت تبقى سعيد بس
_ لا انا سمير
ضحكت سهام مع عودة عبير وتذكرها أنها ضحكت يوما لنفس الجملة وظنته مرحا .
تناولوا الطعام فور وصوله وحضرت لهم الخادمة الشاى
_ عبير يا حبيبتي درية كام مرة تطلب منى تروحوا تتغدوا عندها، وانا مش عاوزة حد يجرح سمير او يعرف وضعه
_ ماتقلقيش يا طنط انا ابقى اروح لوحدى واقولهم سمير بيخلص أوراق.
_ تمام يا حبيبتي
_ لا اروح معاكى
_ لا يا حبيبي انت تقعد مع ماما
_ لا اروح مع عبير .
أصبح من الصعب السيطرة على غضبه إذا تعلق الأمر بعبير ولاحظت أمه ذلك أن زوجته خلال هذه الفترة القصيرة ملكت سطوة على قلبه تشعرها بالراحة فهى ستتمكن من رعايته جيدا وهو سوف يقبل بسطوتها عليه.
…………
وصلت عبير إلى منزل أبيها حيث يمكنها أن تفرج عن كل همومها استقبلتها أمها بوجه مضطرب اثار بعض الشكوك في نفسها وسرعان ما رأت الواقع على وجه أبيها الذى لم يرحب بها من باب الضيافة
_ إيه الكلام اللى امك قالته ده؟
_ الحقيقة يا بابا، انا عاوزة أطلق يا بابا ارجوك انا مستحيل اكمل معاه انت مش متخيل ده طفل
_ طفل!! وهو الطفل يقدر يتجوز بردو مادام قدر يتجوزك يبقى فاهم يعنى إيه جواز وأمه شيلاكى من على الأرض شيل عاوزة إيه تانى، ساكنة في شقة ولا القصور حماتك مهنياكى جوزك شايف طلباتك الصغيرة قبل الكبيرة، احمدى ربنا على نعمته وبلاش جنان، طلاق مفيش ولا فكرتى تطلبى الطلاق ماترجعيش بيتى
صمت تام خيم على ثلاثتهم فقد منعت الفتيات من استقبال عبير التى نهضت بكاهل مثقل واتجهت للباب الذى دخلت منه منذ دقائق دون أن يستوقفها أحد
_ حرام عليك يا رياض ماتجيش بيتك امال تروح فين؟
_ حرمت عليك عيشتك انت وهى بطلوا افترا بقا انت فاكرة لو فتحت لها باب الطلاق هنشوف راجل زي سمير تانى ومش بعيد الأربعة التانين يقعدولنا تستحمل اهى كل الناس عندها اللى مكفيها بلاش كلام فارغ.
نظرت درية إلى الباب المفتوح الذى تركته عبير بألم فهى تشعر بما تعانيه ابنتها لكنها عاجزة عن مساعدتها بعد تخلى أبيها عنها.
………
بعد عدة أيام وأثناء تناول الطعام نظرت لها سهام
_ مالك يا عبير متغيرة من يوم روحت عندكم، حد زعلك؟
_ أبدا يا طنط انا بس زهقانه اوى، انا متعودة اشتغل قاعدة البيت خنقانى جدا
_ وماله يا حبيبتي اشتغلى، شوفى تحبى تشتغلى في ايه وانا افتح لك مشروع
_ بجد يا طنط
_ وانا اروح معاكى
_ طبعا يا حبيبي بس هتسمع الكلام
_ ايوه هتسمع الكلام
تهلل وجه سهام فهى ترى أن عبير تأخذ بيد سمير إلى الطريق الصحيح ويمكنهما معا المتابعة والنجاح
_ انا بفهم كتير في تجارة الملابس لو فتحنا محل هعرف اشغله كويس جدا
_ يبقى نفتح محل ملابس هكلم المحامى يشوف التفاصيل.
ابتسمت عبير بإرتياح فقد وضعت قدميها على بداية الطريق.
لم تتوانى سهام عن السعى في هذا المشروع وبالفعل خلال فترة وجيزة أنهى المحامى كافة الإجراءات القانونية وبدأ العمل على تجهيز المتجر الذى امتلأ بالبضائع لتوفر السيولة وتم تحديد موعد الافتتاح.
ساعدته على ارتداء ملابسه اولا وتفرغت لنفسها حين أعلن جرس الباب عن زائر وسرعان ما طرقت الخادمة باب غرفتها
_ فى واحد عاوز يقابل حضرتك
_ يقابلنى انا ؟ اسمه ايه؟
_ بيقول أنه ابو سمير بيه
اتجهت إليها أنظار سمير بينما تقدمت عبير للقاءه وتبعها بصمت . رأت رجلا وقورا ملابسه فخمة ينتظر ظهورها ليقف مستقبلاً لها بمودة
_ ازيك يا بنتى؟ انا اسف بالعافية قدرت اخد إجازة انا ماعرفتش غير يوم الفرح، ازيك يا سمير؟
عبست ملامح سمير بشكل تعجبت منه
_ حمد الله على السلامة يا عمى ، حضرتك تشرف في أي وقت
اقتحمت سهام الشقة فيبدو أنها علمت بعودة زوجها
_ بتعمل ايه هنا يا محمود؟
_ ازيك يا سهام؟
_ انا كويسة، تعالى ننزل تحت وخليهم يجهزوا النهاردة افتتاح المحل بتاع عبير
نظر محمود نحو عبير بتشكك، هل قبلت زواجها من سمير مقابل تحقيق بعض المطامع؟
سحبته من كفه للخارج بلا مقاومة لتبتسم عبير ساخرة من الوضع بأكمله.
قضى معهم محمود بعدها عدة أيام عجز خلالها عن الانفراد بعبير نهائيا فمنذ الافتتاح انغمست في أعمال المتجر وتصحب سمير معها يومياً .
بدأت تحول بعض المال لحسابها الخاص وبدأت تعد نفسها للتخلص من هذه الورطة فهى لا تعتبر زواجها من سمير سوى ورطة كبيرة أوقعت نفسها فيها وعليها وحدها التخلص منها.
تعرفت بسرعة كبيرة إلى أصحاب المصانع الموردة لهم واقامت علاقات ودية مع الجميع ولم تهتم بوجود محمود أو مغادرته لكن بعد شهرين فقط حدث ما دمر كل مخططات عبير .
دخلت عبير من باب المتجر شاردة ويبدو عليها أثر البكاء وأشارت للفتاة العاملة بالمتجر فوراً
_ اقفلى المحل وروحى
_ مالك يا عبير؟
تساءلت سهام بقلق بينما اقترب منها سمير بتوتر
_ زعلانة منى؟
_ ايوه زعلانة منك ومش عاوزة اشوف وشك
بهت سمير من صرختها وتراجع خوفا من نظراتها الغاضبة ودهشت سهام لهذا التحول المفاجئ
_ جرى ايه بتزعقى له ليه ؟ انت جاية من برة فيكى إيه؟
_ انا حااامل
تهلل وجه سهام وقلبها وركضت نحوها لكنها اوقفتها وهى تشير نحو سمير
_ شايفة؟؟ هو مش فاهم اصلا يعنى إيه حامل .. انت مش إنسانة طبيعية انت حالتك أسوأ منه، لو كنت انت قبلتى ابنك زى ما ربنا خلقه كان الناس قبلوه وكان بقا له حياة ويمكن زوجة تحبه، لكن انت شوفتى أن ازاى ابنك انت يبقى عبيط لازم يبقى طبيعى واحسن من الناس وعلشان كده زورتى ورشيتى وكدبتى علشان تخلقى له صورة مزيفة في عيون الناس، صورة ترضيكى انت مش هو، سمير ضحيتك زيى تمام
_ عبير انت اتجننتي ؟؟ انا …
قاطعتها عبير متابعة صراخها
_ انت واحدة مجنونة استغليتى ظروف اهلى واشترتينى لابنك يلعب بيا زى ما اشتريتى له البطاقة والشهادات والمشاريع علشان يبقى ابنك الراجل اللى تتمنيه مش هو ابنك الضعيف اللى كان محتاج رعايتك ابدا وانا مش هسمح أنه يكون اب لاولادى ولا هسمح لك تدمرى حياتى اكتر من كده، انا كنت هسيبه في كل الأحوال عارفة ليه؟؟ لأنك غصبتينى عليه وخدعتينى علشان اتجوزه واستغلتينى علشان أكمل معاه ، انا مش للبيع يا مدام ودى اخر مرة هتشوفونى فيها وابنك هرفع عليه قضية حجر واحرق قلبك لما الدنيا كلها تعرف حقيقته زى ما حرقتى قلبى على فرحتى
ركضت خارج المتجر بخطوات سريعة لتحاول سهام إيقافها
_ عبير بلاش فضايح سمير مالوش ذنب تفضحيه ده بيحبك
دارت تنظر لها بحقد واضح
_ بيحبنى! لا ده بيحب اللعبة الحلوة اللى أمه اشترتهاله مش اكتر من كده لانه مايفهمش اكتر من كده
كادت أن تغادر ليسرع سمير متمسكا بها بفزع رغم عدم إلمامه بما يحدث أو بسبب الشجار بينهما
_ عبير اجى معاكى
_ كفاية بقا يا اخى كرهتنى في نفسى
دفعته عنها بقوة وهى تركض ليصرخ بفزع
_ لا عبير، ماما عاوز عبير ، عبير استنى عبير
تبعها ركضا بينما عجزت سهام تماماً لأول مرة بحياتها عن الحركة لينتفض قلبها مع صوت المكابح التى أصدرت صريرا عالياً للتوقف فجأة وحين رفعت رأسها كان المشهد محجوبا عنها لتزاحم المارة ، تقدمت ببطء مع صرخات طلب النجدة من الحضور لترى سمير أرضا ودماءه تتدفق من عدة مواضع .
……………
وقفت سهام بالمشفى الذى تم نقل سمير إليه أمام الباب الذى يفصلها عنه ، خطوات مهرولة نحوها دون أن ترى الوجوه المحيطة بها
_ في إيه يا ماما سمير جرى له إيه؟
_ حصل ايه يا سهام اتكلمى
ظلت عينا سهام متعلقتين بالباب ليخرج منه أحد الأطباء
_ انا آسف يا جماعة ماقدرناش نعمله حاجة، البقاء لله
صرخت سمر ليضمها زوجها بفزع لهول المفاجأة بينما تسمر كل من سهام ومحمود الذى تعلقت عينيه بالغرفة أيضا مع تقدم سهام منها لتسقط أرضا فور بلوغها الباب دون أن تعبره.
اسرع إليها حسن وسمر بينما ظل محمود ينظر إليها عاجز عن الحركة لقد دمرت حياة الجميع بتسلط غير منطقي كانت عبير محقة هى لم تتقبل ابنها مطلقاً لذا قامت بكل هذه الجرائم التي انتهت بنهاية حياته .
لقد قتلت ابنها منذ لم تتقبل حالته وأصرت أن تحيه حياة تظنها طبيعية لكنها تخالف تماماً طبيعته هو وهذه هي النتيجة هو مخطئ بقدرها وربما أكثر فقد خذل ابنه حين سكت على ما تفعله هو أيضا يده ملطخة بدماء إبنه الذى كان ضحية لتخاذله ونرجسية أمه .
ليس الضحية الوحيدة ففى مكان ما هناك ضحية أخرى تحمل ضحية ثالثة لقد أصبح وزوجته متعددى الضحايا . رأى سهام التى حملت بين يدى حسن ليطأطأ رأسه ويتجه إلى الفراش الذى يغادر حاملا أولى ضحاياه.
تمت بحمد الله
مارس٢٠٢٢
خداع
قسمة الشبيني